الإثنين 2024/4/29
(( الوارثون ..الثورة المغيَّبة 1982 - 1990)) ( الحلقة الأولى) ..


 

منذ أن تسلَّقَ طاغيةُ العراق صدام، موقعاً متقدماً في القيادة بعد انقلاب 1968، جثمَ النظامُ الدكتاتوري على صدور العراقيين وجعلَ حياتَهم رهنَ ارادتهِ ونزوعهِ العدواني وعُقدِهِ النفسية، ونزعته الطائفية العميقة التي لم يكن يظهرها في إعلامهِ وخطاباتهِ، ولكنها تظهر جليَّةً في الممارسات القمعية اليومية تجاه العراقيين بجميع مكوناتهم مع تركيزٍ في الاستهداف والتصفيات على مكوّني الشيعة والكرد، ومحاصرة شخصياتهم واحاطتهم بستار الشكِّ والرقابةِ الشديدة في ضوء شعوره الدائم باعتراضهم على سياسة النظام وممارسات أزلامهِ، حتى لو لم يكن ذلك مقروناً بالأدلة والمصاديق.

وكانت الممارسات الطائفية التمييزية ديدنَ أزلامهِ وأجهزتهِ القمعية وسلوك مؤسساته الادارية كافة، فضلاً عن الاضطهاد الكبير لأهل الرأي وأصحاب الإرادة الحرَّةِ من شرائح المجتمع كافة.
   ونظراً للحاجةِ الماسة للطاقات المميزة والكوادر الكفوءة في العديد من المؤسسات، وخصوصاً في زمن الحربِ العراقية الايرانية، فلم تكن الشخصيات البارزة من خارج الدائرة العائلية والطائفية الضيقة لرأس النظام وأعوانه، تأخذُ مواقعاً مهمةً في المؤسسات، إلا باستثناءاتٍ وصعوباتٍ بالغة وظروف عسيرةٍ تختلف من شخصيةٍ لأخرى، والذي كان يدفعهم الى الى قبولها هي الضرورة والحاجة الى تدارك وإسعاف مايمكن من شؤون الدولة.
ومن هنا كانت حركة (الوارثون).

** والوارثون : حركة سياسية منظمة أسَّسها وقادها واستشهد عليها عددٌ من أبرز وأشجع وأكفأ قيادات الجيش العراقي وعقوله، ومعهم شخصياتٌ مؤثرة من المدنيين الأحرار من مدن العراق ومحافظاته المختلفة (كما سيأتي التفصيل لاحقاً). 
وقد انبثقت حركة (الوارثون) عن تنظيم عسكري وطني سري تم تأسيسه بين عامي 1982 و 1983, من خيرةِ الضباط القادة وأصحاب الرتب العالية والكفاءات المهنية وخريجي المدارس الأكاديمية العليا في(بغداد وروسيا والباكستان والقاهرة) ودول عديدة اخرى، بقيادة الكاتب والمفكر القائد الشهيد (هلال عبد المطلب ابورغيف)وكوكبة من القادة المؤسسين (كما سيأتي مفصلاً)، الى جانب شخصيات اجتماعية وأكاديمية ورجال أعمال من مناطق ومستويات وخلفيات اجتماعية مختلفة آمنت جميعها بفكرة التخلص من الطغيان الصدامي وقيادة البلاد نحوَ بر الأمان على أساس الفهم الوطني العادل والمتوازن لدولةٍ تتخذ من القرآن الكريم دستوراً لها ومنهاجَ حياة .
• تبنّى قادةُ الحركة اسقاطَ عصابة صدام ونظامه الإجرامي، وكانَ العمل على وفق رؤيةٍ وطنيةٍ عسكريةٍ متوازنة تحسبُ دقائقَ الأمور، وتأخذ بنظر الاعتبار طبيعة الظروف التي يشهدها العراق بشكلٍ عام وجيشُهُ الباسل بشكلٍ خاص، ولذلك لم يُقدم قادةُ (الوارثون) على أيةِ خطوات يمكن أن تنعكسَ على الدولة سلباً، طيلة سنوات الحرب العراقية الايرانية.

•• تم كشف الحركة واختراق تنظيمها السري بمساعدة المخابرات الدولية، عام 1990 بعد تعذيب أحد أعضاء قيادته من المدنيين وكان بدرجة (مدير ناحية)بأساليب بشعة ودنيئة أمام عشيرته وأسرته، مما أوصل أجهزة الأمن الصدامي الى معرفة أسماء قيادات التنظيم واعضائه والاعتقال الفوري لقياداته الأساسية والأعم الاغلب من رجاله الذين ضربوا_ أثناء التعذيب والاعتقال _ أسمى الامثلة في البطولة والثبات وأروع صور الرجولة في الصمود والمواجهة .
• وكانت الحصيلة إعدامَ اكثر من (112) بطلاً، حيثُ كان شرف العسكريين هو الاستشهاد رمياً بالرصاص،  والمدنيين شنقاً حتى الموت، واختفى البقية في ظروف غامضة وملتبسة لاتزال قيدَ البحث والمتابعة والتنقيب.
• وقد حصل المركز الوثائقي لـ(الوارثون) على مجموعة الصور والوثائق المتاحة مما سيتم نشرُهُ تباعاً ،في محاولةٍ مخلصةٍ لانصاف هذه الثورة المغيبة، والسعي متواصل لتحصيل وعرض المزيد من الشهادات الحيّة والمعلومات المهمة أمامَ الرأي العام، مع استمرار العمل الحثيث لإصدار كتاب شامل يحفظ هذه الثورة ويوثِّق لسيرتها ورجالها وتضحياتهم التي نسيها الآخرون ممن عبروا على اكتاف الشهداء ودمائهم ، وأغفلتها الأحزاب والكيانات والتيارات المتصدية لإدارة العراق بعد العام 2003، على الرغم من مرور أكثر من 33 عاماً على هذه الثورة، إذ افتقرت المؤسسات الرسمية الى المراكز البحثية والآليات التوثيقية، وغلبها التقصير بسبب الواقع السياسي المركّب والملتبس، والفوضى العارمة التي غطت المشهد العام منذ استشهادهم وحتى هذه اللحظة من تاريخ العراق المعاصر.
• إنها قصة (الوارثون) وهي البداية لعمل تدريجي ممتد، وصولاً الى لحظة خلاص الوطن، فهي حركة سياسية منظمة أسسها وقادها واستشهد في سبيل تحقيق اهدافها عدد من قيادات الجيش العراقي وعقولهِ وشخصيات مؤثرة من المدنيين الأحرار من مدن العراق ومحافظاته المختلفة.
إنها مسيرةُ عطاءٍ تكلَّلت بالدماء .
.………………………
* هذه الحلقات جمعها المحرر السياسي من الوثائق والمنشورات والتحقيقات الاستقصائية التي نشرت بعد العام 2003 مع ماصدر وما نُشِر من قبل ذوي الشهداء وعوائلهم واصدقائهم المعاصرين لتجربتهم، ومن الوثائق والصحف والمواقع التي نشرت هذه الأحداث والوقائع في سنوات واصدارات وتواريخ مختلفة.

https://www.facebook.com/AbuRheif2


المشاهدات 3510
تاريخ الإضافة 2023/04/17 - 3:34 AM
آخر تحديث 2024/04/28 - 6:05 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 329 الشهر 13625 الكلي 996498
تصميم وتطوير