الجمعة 2024/3/29
(العالم).. ربيعٌ آخر


(العالم).. ربيعٌ آخر

د. نوفل ابورغيف


في غمرة الحدث العراقي الأهم الذي تشكل ساحات التظاهر السلمي علامته الفارقة، وخيط الأمل في صناعة تحوّل يليق بهموم العراقيين وانتظاراتهم، تتسع دائرة القلق بنحو عامٍ ويكبر هاجس الخوف من المجهول واللادولة التي تداهم المخيلة الشعبية بذريعة الانفلات، بينما يرشح في زاوية مضيئة من هذا المشهد ضوءٌ مختلف يوحي بالاستقرار والقدرة على التفكير والتأمل ورسم مناطق مستقرة وحدود فاصلة بين العاطفة والحكمة، وبين الانفعال والرويّة، فثمة متسعٌ للحوار ومساحة لاختبار الأفكار وفحصها في ورشة (العالم) بما تعنيه الورشة من معنى. 
اعتدنا في مثل هذا التاريخ من كل عام، أن يوقد الوسط الصحفي والنخب العراقية شمعةً جديدةً في مشوار جريدة (العالم) المحفوف بالتعب والأسئلة والإحتمالات.
وفِي كل محطةٍ من هذه المحطات الاحدى عشرة، تتأكد أهمية هذا المنبر المأهول بالحضور، المكتنز بهويته المستقلة وبوصلته الراشدة، مما يؤشر سمة الثبات الباعث على الاستقرار، وخلوص الاتجاه الذي يمثلها.
إن ما شهده ويشهده العراق من ظروفٍ استثنائية وتحولات شاملة على صعيد البنى السياسية والشعبية وآليات الحياة العامة تحت عنوان الديمقراطية العريض، يؤكد بنحوٍ مضاعفٍ أننا بإزاء لحظةٍ تشهد رسوخَ الهوياتِ الكلية للأنساق التي تقوم عليها معالم الدولة الديمقراطية وأدواتها، والصحافة في المقدمة من ذلك، بوصفها المنصة المباشرة للديمقراطيات والتحولات والإصلاح المنشود في مختلف وجوه المعمورة.
من هنا كانت جريدة (العالم) في طليعة الشخصيات المعنوية التي تحرص في أدق المفاصل وأكثرها حساسيةً، على تقديم هويَّةٍ راسخة الحضور مترامية الأصداء قارّة التأثير، وسط صخبٍ جدليٍ يصادر الإصغاء.
وإذ نحتفي بفتح نافذتها الحادية عشرة على مشهدنا الوطني فإننا ندشن بذلك محطةً جديدةً في قصة النجاح الباذخ والعصامية المجردة، لنؤكد بثقةٍ عملية على كونها مساحةً عراقيةً مختلفةً عما يجاورها، خلاقةً بامتياز، تستوعب المتقاطع، وتحتفي بالمميز، وتستنطق المسكوت وتفصُح عن المتواري عبر أدواتٍ تحمل أختامها ومفاتيحها بسكينةٍ المطمئن العارف باشتغالاته.
إن من يراقب مسيرة (العالم) يكتشفُ سريعاً حجم القصدية التي يعتمدها فريق هذه المنظومة في تكريس سياسةٍ نوعيةٍ بدءاً من صناعة العنوان مروراً بالسياقات الاحترافية في صياغة المضمون والحفاظ على نسيج البناء الكلي المتسق مع طبيعة كل قسم من أقسامها بما تستدعيه مساحته ومقتضيات تلك المساحة.
وعلى الرغم من تخريجها لأسماء معروفةٍ وفِي سياقات متلاحقةٍ، الّا إنها ظلت وفيةً لهويتها منذ اللحظة الاولى، فلم يصبها الخمول او التراجع، ولَم تخفت أضواؤها على امتداد المسيرة.
وقد كانت الظروف اللوجستية المتراجعة، ولا تزال، سبباً كافياً لأن يتوقف صوت (العالم) أو يتراجع أو تخبو جذوته الأولى، ولاسيما مع التباس الواقع العام وتداخل السياسي بالمهني وزعزة الظروف المالية في البلاد بشكل عام منذ دخول عصابات داعش حتى اللحظة، إلى جانب الشحَّة التي وصلت حدَّ الانعدام في ما كان معتمداً من تخصيصات المؤسسات العامة، جانباً من موازناتها للصحافة على غرار ما درجت عليه طوال السنوات السابقة، لكن ثيمة الإصرار على ايقاد فنارها الدائم بزيت العزيمة، كانت كفيلة بأن تبقى هذه المثابة النوعية مشرعةً للجميع.
مبارك من القلب للصحافة العراقية، ولأسرة تحرير (العالم)، ولصديقنا النبيل رئيس تحريرها.
 لمزيد من العطاء والتميز.

الخميس - 16 كانون الثاني ( يناير ) 2020

 


المشاهدات 3436
تاريخ الإضافة 2020/01/17 - 2:13 PM
آخر تحديث 2024/03/28 - 5:37 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 383 الشهر 14787 الكلي 981861
تصميم وتطوير