السبت 2024/5/11
في نص رثائي حميم للشاعر والكاتب د.نوفل ابورغيف برحيل صديقه د.زهير شمة ، نشر على صفحته يقول :


(( زهير شمة ..
الأماكنُ فارغةٌ ،، والموعد موحشٌ ،، والمساءُ أخير ))

             كتب/ نوفل ابورغيف

وجهُكَ المتعَبُ الحالمُ يطوِّقُ ذاكرتَنا الموجوعةَ ، 
وصوتُكَ يلاحقُ المواعيد ..

أيها المختلفُ الدافئ المثقلُ بالحياة ، 
ثمَّةَ مواعيدُ ومشاريعُ وأحلامٌ بانتظارِ من يفتحُ لها الباب ، ونحنُ بانتظارِ قدومِكَ الذي تأخَّرَ كثيراً.

فالزاويةُ التي نأوي إليها محجوزةٌ في المكان نفسهِ عندَ ذلكَ المساءِ المطلِّ على دجلةَ في بداياتِ الشتاء من كل عام .

هل سيذوي وجهُكَ الذي كانَ يضحكُ للريح ،، ويَغسلُ التعَبَ بالأمل العنيد ؟

فكيفَ سنُكملُ حديثنا المعلَّقَ إذن؟ وقد تركنا التفاصيلَ الى لقائنا المعتاد عند ضفاف بغداد ؟
لم يكن يطيبُ لي إلا أن أُناديك (أبو البهاء)وكنت أباً ناصعاً للبهاء ، وما أبهاك ..
فلماذا ينطفئُ العمرُ فجأَةً هكذا ،، ونُعيدُ السؤالَ بمرارةٍ وذهول؟

ها أنتَ تتوارى بغتةً ، ويحجبُكَ الموتُ ،،
كما يفعلُ دائماً مع أحبتنا الأقربين .
فهل كانت المنيَّةُ بانتظارك في بغداد؟ 
بغدادِكَ التي كنتَ تشتاقُها وأنت في حضنها .
وما أن شممتَ هواء العراق قادماً من غربتك المزمنةِ ، حتى طوتكَ يدُ الغيبِ بغتةً ياصاحبي ..

زهير شمة .. أيها الموغلُ في الحبِ والانتظاراتِ والسفرِ والمواعيد ..
لا طعمَ للكلماتِ 
فهذا الصباحُ يخلو من صوتكَ المبهج وسؤالك الحميم ، وروحِكَ الوثّابةِ ، بينما تجفُّ القهوةُ في فناجين العزاء.
وما أقصرَ هذا العمر ، وكم هي فاقعةٌ ومؤلمةٌ هذه الكذبة الكبيرة التي يسمونها الحياة !!
وما أقصرَهُ هذا العُمر .. وكأنَّهُ رذاذٌ تطايرَ من صخب الماء في(سدَّةِ الكوت) التي اختلطت بتضاريسنا .

ولانزالُ بانتظاركَ عند مداخل محطاتنا الأثيرةِ في الكرادة والجادرية ،، 
وبينَ شوارع حيفا في الصالحية، لنذهب بعدها الى زيارة موسى بن جعفر والجواد عليهما السلام ، وها قد حان موعدُ الزيارة ياصديقي.

وكأنَّ القصةَ دقائقٌ تبخَّرت بين عتبنا على الزمن وتضاريسه ، وأحلامنا العراقية العزلاء ، ورائحةِ المساءِ عند دجلة ، 
وبين حديث رياض عبد العباس ، واحمد جمال ، وكريم منصور ، وحسين الانصاري ، والبقية الباقية من سفرَةِ الحياة .

ولكن مهلاً ، فمن سيديرُ مدرسةَ العراقيين في تونس ،التي بذلتَ سنواتكَ البيضاءَ من أجلها وكنتَ تغذيها من صبركَ وانتظاراتكَ المرهَقَةِ ومشواركَ المثقل الطويل ..

لاتزالُ حروفُكَ شاخصةً على جدران الذاكرةِ في فضاء (مركز النخبة للحوار)الذي أنشأناهُ معاً قبل ثماني سنوات ..

ها أنتَ تحطُّ الرحالَ في بغداد وتغلقُ الباب على صمتِكَ الأخير وتتوارى قبل اكتمال اللقاء ..

نُحبُّك بصدقٍ
ونفتقدُكَ أَيها الحبيب 
ونشتاقُ الى المطر الذي كان يبللنا هناك ..
فهل ستشتاقُ لنا ياصاحبي؟

                   
                           بغداد/
(بين 2021/12/7 وأربعين الغياب )


المشاهدات 1237
تاريخ الإضافة 2022/02/23 - 9:40 AM
آخر تحديث 2024/05/10 - 4:20 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 164 الشهر 5847 الكلي 1003391
تصميم وتطوير