الأربعاء 2024/4/24
جانب من كلمة د.نوفل ابورغيف بمناسبة الذكرى العاشرة لتأسيس منتدى الاعلاميات العراقيات


لقد خطت المرأةُ خطواتٍ جادةً باتجاه صنع فرادتها، لافي الإعلام وحده، بل في المجالات الحيوية والتفاعلية المختلفة، فأثبتت جدارتها المبكرة عبر الطرح المميز والفهم الواعي.
وبينما باتَ الإعلام يغطي مفاصلَ ومحاور مهمةً تنفتح على تفاصيل الحياة برمتها، فمن البداهة أن يكون هو الأكثرَ فاعليةً وتأثيراً في صناعة الحدث ، وفي توجيه مايدور في العالم من أحداثٍ وتحولات، انطلاقاً من شعور الصحفي بمسؤوليته تجاه الرأي العام في الشؤون السياسية والاجتماعية والاقتصادية، مروراً بإضاءة التواريخ الاستثنائية في المشهد، وتخليقها، وإعادة إنتاجها مما يصعب حصره أو تقييده .
وما نشهده اليوم من التمدد الهائل لهذا الحقل الشاسع بعد أن كان محصوراً فيما سبق بالإعلام الورقي أو التلفازي بنحو تقليدي، إنما يعكس ثورةً هائلةً تتجلى مصاديقها عبر تقانات (الإنفو ميديا) وأنساقها المعروفة وماحلَّ بعدها في طوفان الإعلام المعاصر الذي يشهد أجلى تمظهراته في السوشيل ميديا وحقولها المتشعبة ، وفي ما يعجُّ به الواقع الإفتراضي باختلاف صورهِ وبرامجه المتاحة ، وصولاً إلى ثورة الجيل الخامس للأنترنت ومخرجاتها مما يتشعب الحديث فيه.
وبإزاء هذه التحولات الكبيرة، تبرز الإعلامية العراقية نسقاً شاخصاً، عبر مواكبتها للحدث بنحوٍ باهر، يستأهل الوقفة والدرس والتأمل، لتشدَّ الانظار اليها، في نهضة إعلاميةً نوعيَّةٍ بعد أن ضجَّت المؤسسات الإعلامية بأشباه الإعلاميين، لتسجَّل بذلك أروع الأمثلة في المهنية والوعي المسؤول مرتفعةً بصاحبة الجلالة عن التجهيل والأداء السطحي إلى سمو الحقيقة ورفعتها.
لامُنكفئةً ولا متراجعةً، لتتجاوز بذلك الأنساق التقليدية في معالجة الموضوعات والظواهر والأحداث، من دون وجلٍ أو اكتراث لما يَحفُّ بها من خطر وتحديات.. فتوغلت في تعرية الإرهاب وكشف بؤره، ومتابعة التداعيات الأمنية والظروف الميدانية، حتى دفعت حياتها ثمناً في ذلك ، تماماً مثلما حدث مع زميلتنا الراحلة الشجاعة (أطوار بهجت) رحمها الله ، لتجابه بحياتها صناعة الموت، بعيداً عن سعي بعضهم المحموم للإنتشار على حساب الضحايا والقيم الإنسانية والحقيقة.
إن ما تتطلع اليه الشعوب الديمقراطية الحّية اليومَ لايمكنُ أن ينحصرَ بترديد مقولاتٍ بلاغيةٍ بحق الإعلاميات وعطائهن الأميز، وهو حق لهنَّ علينا، وإنما يكمن في تكثيفُ العمل وتكريس الحيادية والموضوعية من أجل الحرية والحقيقة، أينما كانت، بعيداً عن الاصطفافات المغلوطة والمراهنات والتزييف والإختلاف من أجل مكاسبَ آنيةٍ لاتأتي أُكُلهَا، بل تذهب هدراً وجُفاءً.
ولابد لنا من التذكير بما يواجههُ الإعلاميونَ بصورةٍ عامة والإعلاميات على وجه الخصوص، من تحدياتٍ كبيرةً في كل مكان من شرقنا العربي وفي العراق على وجه الخصوص، بسبب الظروف الاستثنائية من تدهور الأوضاع الأمنية وتحديات الأرهاب وتقييد الحرية في هذه المساحة أوتلك، فضلاً عن المحددات الاجتماعية التي تقيد عمل الإعلاميات وتضع العقباتِ والعراقيلَ أمامَ مهمة ملاحقة الأخبار أو إعداد التقارير.
وهو ما يستدعي الإسراع في إنجاز قانون حماية الصحفيين والجدية في إقراره وتنفيذه والعمل به، بما يحَفظُ سلامة العاملين في حقلٍ الإعلام ، بوصفهِ أهم َّالحقول وأخطرَها في عصرنا.
في الختام يطيب لي أن اتقدم بأزكى التهاني وأصدق المنى إلى جميع الزميلات الإعلاميات في هذا اليوم المميز، ولكل من يقَفُ خلفَ نجاحهن المتواصل وإصرارهن على صناعة حياةٍ ناصعةٍ بالكلمة والموقف.
وإذا كانت الكلمةُ تمثل نبضَ الإعلام، فالمرأة الإعلاميةُ خيرُ مَن يحفظ هذا النبض ويودعه في تفاصيل الحياة. 
دُمْتُنَ حروفاً تنيرُ العتمة، وتَكشف المغيَّبَ..
ودامت منصةُ الإعلام النسوي وصوتُها الذي يعلَّمُ، ويبدع، ويزرعُ أملاً في المتعبين، ويضئ فضاءاتِ المستقبل وداً ومحبةً ووعياً باصراً ومبصراً لكل ما يحيط بنا ، فبالصوت الصادح وبالأقلام الخلاّقة نعيدُ صياغة الحياة.

د. نوفل أبو رغيف
وكيل وزارة الثقافة والسياحة والآثار
بغداد/ 23/3/2021


المشاهدات 1725
تاريخ الإضافة 2021/03/31 - 10:18 AM
آخر تحديث 2024/04/22 - 7:07 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 30 الشهر 10187 الكلي 993060
تصميم وتطوير